رغم التأكيدات الإسرائيلية المتتالية بشأن اجتياح قطاع غزة بريا "للقضاء على حركة حماس"، إلا أن أجواء التردد تسود تنفيذ هذا القرار كما يبدو في تأجيله مرات عدة، وسط تحذيرات من أن تنتهي العملية كما انتهت تجربة عام 2018.
وتعلن إسرائيل عن إعدادها لهجوم بري لغزة منذ اشتعال الحرب بينها وبين الفصائل الفلسطينية بعد الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر.
وحشد الجيش الإسرائيلي قواته على حدود غزة، إلا أن القيادة السياسية أجلته مرات عدة، معلنة ذات مرة أن السبب هو "أحوال الطقس".
ماذا حدث في محاولة 2018؟
- في ليلة 11 نوفمبر عام 2018، دخل جنود وحدات خاصة إسرائيلية قطاع غزة في عملية لجمع معلومات استخباراتية.
- بحسب مسؤولين في حركة حماس، كان الجنود من وحدة النخبة ساييرت ماتكال (وحدة إستطلاع هيئة الأركان العامة الإسرائيلية)، ودخلوا القطاع الساحلي عبر معبر حدودي.
- وبعد اكتشاف توغل الإسرائيليين، وقعت اشتباكات مع عناصر حماس قُتل فيها ضابط إسرائيلي و7 فلسطينيين، بينهم القيادي البارز في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، نور بركة، مما دفع الحركة للتوعد بالانتقام.
- أطلقت الفصائل الفلسطينية 460 قذيفة باتجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، مثل سديروت ونتيفوت، وأصيب بالقذائف 55 إسرائيليا.
- رد الجيش الإسرائيلي بقصف 160 موقعا داخل قطاع غزة، منها مبنى تلفزيون الأقصى ومبنى للأمن الداخلي في مدينة غزة، مما أودى بحياة 9 فلسطينيين، وإصابة العشرات.
- وفق وصف ورد في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الناطقة بالإنجليزية، فإن العملية الإسرائيلية "فاشلة"، وأنه وفقا لحماس كان هدف تل أبيب منها زرع جهاز تنصت في مدينة خانيونس لاعتراض اتصالات الحركة، إلا أن الجيش الإسرائيلي رفض التعليق على تصريحات حماس.
- عقب فشل العملية، حقق الجيش الإسرائيلي في الأمر وخلص إلى أن "العملية فشلت".
- قال في بيان: "لقد خلص رئيس هيئة الأركان إلى أن مهمة العملية لم تُنفذ"، وأن "تحليلا تفصيليا لكيفية وقوع الأحداث يطرح عددا من الأخطاء والحوادث التي أدت إلى انكشاف القوات، مما يدل على أوجه القصور في طريقة تنفيذها وفي عملية التخطيط"، كما ذكرت ذات الصحيفة.
غزة معقدة
يصر قادة إسرائيليون على المضي في قرار الاجتياح البري لغزة الأيام المقبلة، ومن بينهم رئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، الذي قال، السبت، لقادة لواء جولاني: "سندخل إلى قطاع غزة، سنخوض مهمة عملياتية بهدف القضاء على العناصر التابعة لحماس، وسنتذكر في أذهاننا كذلك صور ومشاهد الذين سقطوا قبل أسبوعين".
لكنه اعترف بأن "غزة معقدة، غزة مكتظة، والعدو يحضّر الكثير من الأشياء فيها".
وأضاف:"لكننا نحضّر له أيضا. وترافقنا في المناورة البرية كافة قدرات الجيش،.كونوا جريئين بهذا التفكير".
وتوقع وزير الدفاع، يوآف غالانت، في تصريح له، الأحد، "أن الحرب قد تستغرق شهرا أو شهرين أو 3، لكن في نهايتها لن يكون هناك حماس".
الجغرافيا تخدم حماس
حول رؤيته لاحتمال الاجتياح البري وفرص نجاحه أو فشله، يقول الخبير العسكري الروسي، فلاديمير إيغور، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هذا الاجتياح "سيدمر القطاع بلا مبرر، وإسرائيل جربت ذلك من قبل في حروب سابقة ولم ينجح".
ويُورد إيغور بعض الصعوبات التي تواجه إسرائيل هذه المرة أيضا:
- الغزو البري يواجه الكمائن والخنادق التي حفرتها قوات حماس في قطاع غزة.
- التحصينات التي بنتها حماس في القطاع منذ 17 عاما، ويمكن أن تكون مفاجأة للقوات الإسرائيلية.
- الأعداد الكبيرة من الرهائن الإسرائيليين لدى حركتي حماس والجهاد تقلق إسرائيل.
- يمكن لإسرائيل بمجموعات خاصة تنفيذ عمليات توغل نوعية في أراضي القطاع، وقد يتسع تدريجيا وفقا للتطورات الميدانية.
قلق أميركي
من جانبها، كشفت الصحافة الأميركية عن نصائح مسؤولين أميركيين لإسرائيل بالتمهل في عملية الاجتياح البري لغزة.
ومن ذلك، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين كبار أن إدارة الرئيس جو بايدن، تشعر بالقلق من افتقار إسرائيل إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة.
كما أن هذه الإدارة تقلق من أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لشن هجوم بري بخطة يمكن أن تنجح.
وبحسب الصحيفة، أكد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في محادثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، على الحاجة إلى دراسة متأنية للكيفية التي قد تقوم بها القوات الإسرائيلية بالهجوم البري؛ حيث تحتفظ حماس بشبكات أنفاق معقدة تحت مناطق مكتظة بالسكان.
وقد نفى دبلوماسي إسرائيلي في واشنطن، حسب "نيويورك تايمز"، أن تكون الإدارة الأميركية تنصح الإسرائيليين بتأجيل الاجتياح البري.